مصنع الزنك بالغزوات يهدّد بإبادة السكان والجمعيات تطالب بغلقه

. . ليست هناك تعليقات:

يعتبر مركّب الزنك ومشتقاته في الغزوات بالساحل الشمالي الغربي من ولاية تلمسان واحدا من أهم المركّبات الصناعية ببلادنا، حيث يساهم في إنعاش الخزينة العمومية بالعملة الصعبة خارج قطاع المحروقات، وهو ما يتطابق مع سياسة الدولة في لتنويع مصادر الدخل القومي ويساهم في التخفيف من البطالة، من خلال تشغيل أكثر من 500عامل، إلاّ أن هذه المنشأة الضخمة تعترضها عدة مشاكل تهدّدها بالاندثار، لا سيما ما تعلّق بالمشكل البيئي.
تتطلّب هذه المنشأة التي تقوم بتحويل المواد الأولية من الزنك للحصول على مواد نصف مصنّعة حرق كميات معتبرة من هذه المواد، ما يتسبّب في نشوء غازات سامة يتمّ طرحها في الجو مباشرة، والتي أصبحت خلال السنوات الأخيرة تشكّل جانبا من جوانب المعاناة اليومية لأهل الغزوات، وحتى الجهات القريبة منها بسبب تطاير كميات معتبرة من الغازات السامة في الهواء، نتيجة احتراق المواد الأولية للزنك. وتشكل غازات أوكسيد الكبريت الذي يعتبر أكثر الغازات انتشارا من المصنع، وهي مواد يؤكد الأطباء أنها خطيرة على الإنسان في حالة استنشاقه لها، وتسبّب له أعراضا نفسية شبيهة بالأمراض المزمنة، خاصة ضيق التنفّس وأمراض الرئة.
وأمام هذا الوضع يضطرّ العديد من المواطنين إلى البقاء داخل بيوتهم، وإغلاق النوافذ بإحكام، منعا لتسرب الغازات داخل سكناتهم، وقد تكون الأمور هينة في فصل الشتاء بسبب برودة الطقس ما يستدعي المواطن إلى إغلاق النوافذ بصفة آلية، إلا أنّه في فصل الصيف تكون المعاناة أكبر، خاصة لقاطني الغزوات العليا ومرتفعاتها المجاورة والتي تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع هذه الغازات، وكذا الطوابق العليا من العمارات وباقي المباني.  


ومن جانب آخر، يؤكّد خبراء وناشطون بالجمعيات المهتمة بحماية البيئة والمحيط أنّ التغيّرات المناخية التي تحدث في الوقت الحالي تزامنا مع الشتاء تساهم في حجم المأساة بسبب تواجد الرياح التي تزيد سرعتها بشكل مفاجئ، خاصة وأن المصنع يتوسّط المحيط العمراني وشساعة البحر، ما يجعل الرياح القادمة من البحر تساهم في انتشار الغازات وأيضا الأمطار، وكذا هبوب العواصف في بعض الأحيان يساهم هو أيضا في تبعثر هذه الغازات السامة في الجو، ما يجعلها تحتلّ مساحات بعشرات الكيلومترات المربعة في الهواء ويسهّل عليها التسرّب داخل المنازل والمؤسسات التربوية والإدارات، ونتيجة لذلك بدأ القلق يدخل نفوس المواطنين، خاصة أن الغزوات تحتفظ بالعديد من المآسي ومنها التخوّف من تكرار وقوع حالات تسمم واختناق، خاصة أن هذه الغازات الخطيرة، مثلما يؤكد المختصون أنه يرتفع تركّزها في الهواء بشكل مفاجئ دون سابق إنذار، حيث تؤكد الدراسات الطبية أن غازات هذا المصنع الذي أنشئ سنة 1974 تتسبّب في هشاشة العظام، حيث إن 70 بالمائة من الذين يتعرّضون للكسور بولاية تلمسان هم من سكان الغزوات، كما ظهرت عدة أمراض أخرى منها غياب الطمث على العشرات من النسوة الذين يقيمون بالأحياء المواجهة للمصنع، على غرار حي الرملة، كما أن عشرات النسوة ولدن أجنة مشوهة بفعل سموم هذا المصنع الذي صار توقيفه مطلب جميع سكان الغزوات الذين يزيد عددهم عن الـ50 ألف نسمة، لكن يقابله تسريح 500 عامل من المصنع الذي يعد الثاني إفريقيا بعد مصنع جنوب إفريقيا، كما أنّه لا يمكن تحويله نتيجة عمله بالماء من جهة، وحاجته للميناء ومياه البحر من جانب آخر، من ناحية أخرى يتسبّب غبار النفايات الصلبة  المتراكمة في أعالي  المصنع  إلى إصابة  المئات من سكان الغزوات بسرطان الجلد، بفعل احتواء هذه النفايات على المواد المشعة والتي تتنقّل مع أول نسيم  للرياح، متسبّبة في خطر كبير، ورغم قرار تحويل هذه النفايات نحو منطقة للردم بإقليم بلدية السواحلية، لكن تأخّر العملية ورفض سكان المنطقة استقبال هذه السموم ضاعف من المعاناة، كما أنّ عملية التحويل ستصطدم بتناثر هذه السموم ومضاعفتها، من جانب آخر يتسبّب المصنع في بعث سموم خطيرة في البحر تهدّد الثروة الحيوانية بالبحر، والتي تكون سببا في نقل السموم والأمراض إلى السكان عن طريق الأسماك وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على السكان.
تعليقات فيسبوك
0تعليقات جوجل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابعني على الفيس بوك

المشاركات الشائعة

تلمسان tlemcen. يتم التشغيل بواسطة Blogger.